نشب نزاع تجاري بين شركة Alessi Domenico S.p.A.، وهي شركة إيطالية متخصصة في صناعة المجوهرات، وشركة Amor Jordan Advanced Jewelry Technologies LLC، وهي شركة أردنية تعمل في مجال إنتاج المجوهرات، وذلك بموجب اتفاق تجاري أبرم بين الطرفين في عام 2015، يتعلق ببيع ومعالجة المجوهرات في أمريكا الشمالية.
وبعد فشل محاولات التسوية الودية، بادرت شركة Alessi في عام 2022 إلى رفع دعوى تحكيم أمام غرفة التجارة الدولية (ICC) مطالبة بسداد فواتير غير مدفوعة. وفي تاريخ 25 يونيو 2024، أصدر المحكم المنفرد حكمًا قضى بإلزام شركة Amor Jordan بدفع مبلغ 2.37 مليون دولار أمريكي لصالح شركة Alessi، مقابل إلزام هذه الأخيرة بدفع مبلغ 1.59 مليون دولار أمريكي لصالح شركة Amor Jordan بسبب إخلالها ببعض الالتزامات التعاقدية.
عقب صدور الحكم، تقدمت شركة Amor Jordan بطعن بالإبطال أمام محكمة الاستئناف في باريس، مقر التحكيم، وطلبت وقف تنفيذ الحكم لحين البت في طلب الإبطال، مستندة إلى ما وصفته بضرر جسيم محتمل على حقوقها.
وادعت شركة Amor Jordan أن تنفيذ الحكم التحكيمي سيلحق بها ضررًا بالغًا يتمثل في تدهور أوضاعها المالية بشكل قد يؤدي إلى إعلان إفلاسها وفقًا لأحكام القانون الأردني. كما أشارت إلى أن شركة Alessi لا تمتلك أصولًا في فرنسا، مما يجعل إعادة المبالغ المدفوعة أمرًا مستحيلًا حال صدور حكم لاحق ببطلان الحكم التحكيمي.
الحكم وأسانيده القانونية:
رفضت محكمة الاستئناف في باريس طلب وقف التنفيذ، واستندت في حكمها إلى أحكام المادة 1526 من قانون المرافعات المدنية الفرنسي (CPC)، التي تنص على أن وقف التنفيذ لا يُمنح إلا إذا ثبت وجود خطر جسيم ومؤكد يهدد حقوق طالب الوقف، وأن هذا الخطر يجب أن يكون مثبتًا في وقت إصدار القاضي قراره، وليس قائمًا على فرضيات مستقبلية أو تقديرات غير مؤكدة.
وقد استندت المحكمة إلى عدة أسباب لرفض الطلب، منها:
1. عدم كفاية الأدلة المالية المقدمة من شركة Amor Jordan، حيث لم تُرفق بتقارير مفصلة للميزانية أو بيانات الأرباح والخسائر، وهو ما اعتبرته المحكمة قصورًا في الإثبات.
2. أن التقرير المالي الذي استندت إليه الشركة كان قائمًا على فرضيات غير مدعومة ببيانات دقيقة، مما أفقده الحُجية اللازمة.
3. أن الضرر المزعوم لا يتجاوز مشكلة سيولة مؤقتة، يمكن معالجتها من خلال إعادة الهيكلة المالية أو اللجوء إلى التسهيلات الائتمانية، ولا يرقى إلى مستوى الضرر الجسيم.
وفيما يتعلق بمسألة عدم إمكانية الاسترداد في حال إبطال الحكم التحكيمي لاحقًا، رأت المحكمة أن مجرد عدم وجود أصول لشركة Alessi في فرنسا لا يعد كافيًا لإثبات وجود خطر فعلي على إمكانية الاسترداد، خاصة في ظل غياب أي دليل على عدم ملاءة الشركة أو عدم استقرارها المالي.
خلاصة الحكم:
أكدت محكمة الاستئناف في باريس على أن وقف تنفيذ أحكام التحكيم في القانون الفرنسي يخضع لمعيار صارم، يتطلب من الطرف طالب الوقف تقديم دليل قاطع ومحدد على وجود ضرر جسيم وحالي. كما شددت المحكمة على أن هذا المعيار يخدم سياسة فرنسا المؤيدة لتنفيذ أحكام التحكيم، والهادفة إلى تعزيز نهائية الأحكام التحكيمية وفعاليتها في السياق الدولي.
يعكس هذا الحكم النهج القضائي الفرنسي المؤيد لتنفيذ أحكام التحكيم، حيث لا يكفي الادعاء بالضرر أو تقديم بيانات عامة لوقف التنفيذ، بل لا بد من تقديم إثبات ملموس ودقيق. وهو ما يشكل رسالة واضحة للمؤسسات والأطراف المتعاملة مع التحكيم الدولي بأن الطعن في الأحكام لا يوقف تنفيذها تلقائيًا، ما لم تتوافر الشروط القانونية الصارمة.
نقلاً عن: إيوانا نول تيودور (Ioana Knoll-Tudor)
محامية تحكيم دولي، وشريك بشركة أدليشو جودارد (Addleshaw Goddard)، والسكرتير العام لمؤسسة (Paris Arbitration Week (PAW))، ونائب رئيس نادي التحكيم الاسباني برومانيا (Club Espanol de Arbitraje (CEA) Romania)