الملخص
يعد التنظيم أداةً أساسية لتحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للحكومات. وتمتلك الحكومات طيفًا واسعًا من الأدوات التنظيمية التي تعكس تنوع وتعقيد احتياجات مواطنيها ومجتمعاتها واقتصاداتها.
إن جودة البيئة التنظيمية ومخرجاتها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بجودة العمليات التي يتم من خلالها تصميم هذه التنظيمات. ففي كثير من الأحيان، لا تأخذ الحكومات بعين الاعتبار بشكل كافٍ الآثار المحتملة لتدخلاتها، سواء كانت سياسات أو قوانين أو لوائح أو غيرها من الأنظمة. وعلاوةً على ذلك، فإن التدخل الحكومي ينطوي على تكاليف قد تفوق أحيانًا المنافع المتوقعة، مما يؤدي إلى نتائج عكسية وآثار سلبية تطال الأفراد والشركات والمجتمع عامةً، ولا سيما الفئات المهمشة أو ضعيفة التنظيم أو الأقل اطلاعًا، مما يقوض جهود التنمية الشاملة، ويقوض الثقة، ويُضعف من سيادة القانون.
في هذا السياق، يوفر تحليل الأثر التنظيمي (RIA) للمسؤولين وصناع القرار معلومات حاسمة حول ما إذا كان ينبغي التدخل التنظيمي، وكيفية ذلك، بما يحقق الأهداف المنشودة للسياسات العامة. كما يتيح هذا التقييم الدفاع عن قرارات عدم التدخل في الأسواق حين تكون تكاليف التدخل أعلى من منفعته. فضلًا عن ذلك، يتيح تقييم الأثر التنظيمي تبرير القرارات المتخذة من خلال إبراز المنافع الحقيقية للتنظيم، وهي منافع غالبًا ما تُغفل من قبل المجتمع أو متخذي القرار.
مبادئ تقييم الأثر التنظيمي
تُمثل هذه المبادئ أداة عملية تُوجَّه إلى صناع السياسات والموظفين العموميين والممارسين في القطاع العام، بهدف تحسين تصميم وتنفيذ أنظمة واستراتيجيات تقييم الأثر التنظيمي. وهي تغطي نطاقًا واسعًا من الترتيبات المؤسسية، والأدوات، والممارسات، وتعرض خطوات محورية، إضافة إلى قائمة بما (يجب فعله) و(ما يُستحسن تجنبه) عند تطوير أطر تقييم الأثر التنظيمي.
ينبغي أن يتضمن كل تقييم للأثر التنظيمي، على الأقل، العناصر التالية:
1. تحديد المشكلة؛
2. صياغة الهدف؛
3. عرض المقترح التنظيمي؛
4. تحديد البدائل الممكنة؛
5. تحليل التكاليف والفوائد؛
6. تحديد الحل المفضل؛
7. وضع إطار للمتابعة والتقييم.
ولضمان فاعلية تقييم الأثر التنظيمي، يجب أن:
- يبدأ دائمًا في المرحلة التمهيدية من عملية إصدار التنظيم؛
- يُعرِّف بوضوح المشكلة والأهداف المراد تحقيقها؛
- يستعرض ويقيم جميع الحلول البديلة الممكنة (بما في ذلك الخيارات غير التنظيمية)؛
- يسعى لتقييم كل التكاليف والفوائد المتوقعة، المباشرة وغير المباشرة؛
- يُبنى على الأدلة المتاحة والخبرة العلمية؛
- يُطوَّر بشفافية، بمشاركة أصحاب المصلحة، مع توصيل نتائجه بوضوح.
محاور المبادئ الخمسة لتقييم الأثر التنظيمي:
1. الالتزام والدعم المؤسسي لتقييم الأثر التنظيمي: يتطلب ضمان تنفيذ فعال لتقييم الأثر التنظيمي وجود قيود داخلية وخارجية موثوقة، مع تأمين الدعم السياسي ومشاركة أصحاب المصلحة، وضمان شفافية اتخاذ القرار بما يعزز الرقابة العامة.
2. حوكمة تقييم الأثر التنظيمي والتصميم المؤسسي الملائم: يشمل ذلك تكامل التقييم مع أدوات إدارة التنظيم الأخرى، ومواءمته مع النظام القانوني والإداري والثقافي للدولة، وضمان الرقابة على الجودة، وتوزيع المسؤوليات بما يتناسب مع أهمية التنظيم.
3. دمج تقييم الأثر التنظيمي من خلال تعزيز القدرات والمساءلة الإدارية: وذلك من خلال توفير الإرشادات والتدريب، وتقييد الاستثناءات من التطبيق.
4. منهجية تقييم مستهدفة ومناسبة: عبر اعتماد منهجية بسيطة ومرنة، وتحديد السياق السياسي والأهداف، والنظر في جميع البدائل المعقولة، وتحديد التكاليف والفوائد ذات الصلة، وتطوير استراتيجيات لجمع البيانات وتحليلها، والتواصل مع أصحاب المصلحة بفعالية طوال العملية.
5. التقييم المستمر والتحسين الدوري لتقييم الأثر التنظيمي: من خلال التحقق من الآثار الفعلية للتنظيمات بعد تنفيذها، وتقييم شامل لإطار تقييم الأثر التنظيمي والأجهزة الرقابية المعنية به.
الخاتمة
تشكل هذه المبادئ امتدادًا لتوصية مجلس منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لعام 2012 بشأن السياسات التنظيمية والحوكمة، وهي قابلة للتطبيق في كل من الدول الأعضاء وغير الأعضاء في المنظمة، وتعد مرجعًا عند مراجعة السياسات التنظيمية من قبل الأمانة العامة للمنظمة.