2025/07/07

أصدرت كلية القانون التجاري بجامعة كوين ماري في لندن، بالتعاون مع شركة White & Case، النسخة الرابعة عشرة من استبيان التحكيم الدولي 2025 تحت عنوان الطريق إلى الأمام: واقع وفرص التحكيم، مستعرضة توجهات المستخدمين في التحكيم الدولي، وتقييمهم للتحديات والفرص لتطوير ممارسات التحكيم على الصعيد العالمي، مع التركيز على قضايا الكفاءة، المصلحة العامة، والذكاء الاصطناعي في التحكيم.

استمرار تفضيل التحكيم الدولي

أظهر الاستبيان، الذي شارك فيه أكثر من 2400 مشارك، استمرار الاعتماد الكبير على التحكيم الدولي لتسوية النزاعات العابرة للحدود بنسبة 87%، سواء كآلية منفردة بنسبة 39% أو مصحوبة بوسائل التسوية البديلة بنسبة 48%، رغم انخفاض طفيف في دمج التحكيم مع الوسائل البديلة مقارنة بالاستبيانات السابقة.

المقرات المفضلة للتحكيم وقواعدها

احتلت لندن، سنغافورة، هونغ كونغ، بكين وباريس المراكز الخمسة الأولى كمقرات مفضلة للتحكيم، فيما تصدرت قواعد ICC، HKIAC، SIAC، LCIA  وقواعد الأونسيترال قائمة القواعد المفضلة عالميًا، مما يعكس الثقة في المؤسسات القائمة على هذه القواعد وكفاءتها في إدارة النزاعات.

تأثير العقوبات والاضطرابات الجيوسياسية

بيّن التقرير تأثير العقوبات الاقتصادية والجيوسياسية على التحكيم، حيث اضطر 30% من المشاركين إلى تغيير مقر التحكيم لتجنب العراقيل، كما واجه 27% تحديات إدارية ومالية، و25% صعوبات في إيجاد محامين أو محكمين بسبب القيود المتعلقة بالعقوبات، مما أثار مخاوف حول إمكانية الوصول إلى العدالة.

فعالية التحكيم وكفاءته

اعتبر المشاركون أن أهم العوامل السلبية المؤثرة في كفاءة التحكيم تمثلت في:

  • الأساليب الخصامية للمحامين  24%
  • ضعف الإدارة الفعالة من المحكمين  23%
  • المبالغة في التفاصيل والمذكرات القانونية  22%

ورأى 50% من المشاركين أن إجراءات التحكيم المعجل، و49% اعتبروا أن الفصل المبكر في الدعاوى غير الجدية، هما الآليتان الأكثر فاعلية في تعزيز الكفاءة، مع أهمية التوازن بين السرعة وضمان العدالة الإجرائية.

المصلحة العامة والتحكيم

تناول الاستبيان دور المصلحة العامة في التحكيم، حيث أشار أقل من ثلث المشاركين إلى تعاملهم مع قضايا ذات طابع عام مثل الجرائم الاقتصادية، قضايا البيئة، المسؤولية الاجتماعية، والصحة العامة وحقوق الإنسان. وأكدوا أن القدرة على اختيار محكمين ذوي خبرة وتجنب النظام القضائي المحلي يمثلان أبرز مزايا التحكيم في هذه القضايا، بينما تظل الموازنة بين السرية والشفافية التحدي الأبرز، خاصة في النزاعات التي تشمل أطرافًا حكومية.

الذكاء الاصطناعي في التحكيم الدولي

أكد الاستبيان توقع المشاركين زيادة اعتماد الذكاء الاصطناعي في التحكيم خلال السنوات الخمس المقبلة، خاصة في الأبحاث القانونية، تحليل البيانات، ومراجعة المستندات، مع بقاء تحفظات تتعلق بالدقة والمخاوف الأخلاقية والسرية، ورفض واسع لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مهام المحكمين التي تتطلب التقدير والاجتهاد القانوني.

التنفيذ الطوعي للأحكام التحكيمية

أظهرت النتائج أن تنفيذ الأحكام التحكيمية يتم طوعًا بنسبة عالية عندما يكون الأطراف المدينون جهات خاصة، بينما تتراجع هذه النسبة عند التعامل مع الدول أو الكيانات الحكومية بسبب مشكلات السيادة والعقبات الإجرائية، مع تفضيل عام بعدم تنفيذ الأحكام التي تم إبطالها في مقر التحكيم في ولايات قضائية أخرى، حرصًا على استقرار النظام القانوني للتحكيم.

خاتمة

يعكس استبيان التحكيم الدولي 2025 مرونة التحكيم وقدرته على التكيف مع التطورات التقنية والتحديات الجيوسياسية، مع استمرار كونه الآلية المفضلة لتسوية النزاعات العابرة للحدود بفضل قابلية تنفيذ الأحكام واستقلال العملية التحكيمية. كما يبرز ضرورة مواجهة التحديات المتعلقة بالكفاءة من خلال إجراءات معجلة وإدارة فاعلة، مع إدماج الذكاء الاصطناعي بحذر، وضمان التوازن بين السرية والشفافية في النزاعات ذات الطابع العام، للحفاظ على مصداقية وفعالية التحكيم الدولي كآلية أساسية في تسوية النزاعات.