يعد مؤشر استعداد الحكومات للذكاء الاصطناعي لعام 2024 (Government AI Readiness Index) الإصدار السابع من هذا التقرير الدولي، وقد بات مرجعًا معتمدًا لدى صناع السياسات حول العالم، بما في ذلك اليونسكو ومجموعة العشرين. يتناول التقرير جاهزية 188 دولة لاعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن القطاع العام، من خلال إطار تحليلي يستند إلى ثلاثة محاور رئيسية: الحكومة، وقطاع التكنولوجيا، والبيانات والبنية التحتية، وذلك عبر 40 مؤشراً موزعين على 10 أبعاد فرعية.
أولاً: عودة الزخم إلى استراتيجيات الذكاء الاصطناعي عالميًا
شهد عام 2024 عودة ملحوظة لإطلاق استراتيجيات وطنية في مجال الذكاء الاصطناعي، لا سيما في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل. فقد أطلقت 12 دولة جديدة استراتيجياتها، من بينها إثيوبيا، وغانا، ونيجيريا، وسريلانكا، وكوبا. ويُظهر هذا التطور توجهاً متزايداً نحو دمج الذكاء الاصطناعي ضمن السياسات الوطنية، مدعوماً بالتعاون الدولي والإقليمي.
ثانيًا: تفوق الولايات المتحدة مشروط بقطاع التكنولوجيا
تصدرت الولايات المتحدة التصنيف العام، إلا أن تفوقها اعتمد بدرجة كبيرة على محور (قطاع التكنولوجيا)، الذي يشمل مؤشرات مثل الابتكار ونضج السوق وعدد الشركات الناشئة. أما في محوري (الحكومة) و(البيانات والبنية التحتية)، فتفوقت دول مثل سنغافورة، التي جاءت أولاً في هذين المحورين.
ثالثًا: الدول المتوسطة الدخل تغلق الفجوة عبر الأساسيات
برزت دول مثل أوكرانيا، وكوستاريكا، وأوزبكستان، ومولدوفا كأمثلة على نجاح الدول متوسطة الدخل في تعزيز جاهزيتها من خلال تطوير الاستراتيجيات الوطنية، واعتماد مبادئ الأخلاقيات الرقمية، وتحسين سياسات البيانات المفتوحة. وقد سجلت هذه الدول معدلات تفوق المعدل العالمي في محاور الرؤية، والحوكمة، وتوفر البيانات.
رابعًا: تكوين أطر الحوكمة العالمية يتسارع
شهد عام 2024 تطورات بارزة في مجال الحوكمة الدولية للذكاء الاصطناعي، تمثلت في توقيع (اتفاقية الذكاء الاصطناعي) للمرة الأولى من قبل مجلس أوروبا، وإطلاق (شبكة معاهد السلامة في الذكاء الاصطناعي) خلال قمة سيؤول. كما واصلت اليونسكو دعمها للدول عبر تطبيق منهجية تقييم الجاهزية الأخلاقية.
خامسًا: التعاون الإقليمي محرك رئيسي للجاهزية
عززت مناطق مختلفة من العالم من جهودها في التعاون الإقليمي، فشهدت أمريكا اللاتينية اعتماد (إعلان مونتفيديو)، بينما أطلقت الاتحاد الإفريقي استراتيجيته القارية للذكاء الاصطناعي. وساهمت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) بدور ملموس في دعم جاهزية الدول الأعضاء.
الترتيب الإقليمي والعالمي
- الأعلى أداءً: الولايات المتحدة، سنغافورة، كوريا الجنوبية، فرنسا، كندا.
- المنطقة الأعلى أداءً: أمريكا الشمالية (بمتوسط 82.60)، تليها أوروبا الغربية وشرق آسيا.
- المنطقة الأدنى أداءً: إفريقيا جنوب الصحراء (بمتوسط 32.70)، رغم تقدم دول مثل رواندا وجنوب إفريقيا وموريشيوس.
الخاتمة
يعكس المؤشر العالمي لعام 2024 تطوراً ملموساً في استعداد الحكومات لتبني الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وفعال. ويشير إلى أن التقدم لا يقتصر على الدول المتقدمة، بل يشمل أيضاً الدول النامية التي تبني تدريجياً بيئات تشريعية وبنى تحتية داعمة. ويعد التعاون الدولي، إلى جانب الأطر الوطنية، مفتاحاً لتعزيز الجاهزية الشاملة وتحقيق الاستخدام الأمثل للذكاء الاصطناعي في خدمة التنمية المستدامة.
