2025/06/12

أصدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) تقريرًا تحليليًا بعنوان (مؤشرات قدرات الذكاء الاصطناعي)، في إطار مشروعها الخاص بـالذكاء الاصطناعي ومستقبل المهارات، والذي يسعى إلى تطوير إطار منهجي يسمح بقياس قدرات أنظمة الذكاء الاصطناعي ومقارنتها بالقدرات البشرية، وذلك لدعم واضعي السياسات في تقييم آثار التقدم التكنولوجي على التعليم والعمل والمجتمع.

1. خلفية التقرير ودوافعه

شهد العالم تطورات متسارعة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، لا سيما مع إطلاق نماذج لغوية كبرى مثل ChatGPT، ما أدى إلى زيادة الحاجة إلى أطر منهجية تساعد في فهم القدرات الفعلية لهذه النماذج ومقارنتها بالمهارات البشرية. ولأن الأطر القائمة غالبًا ما تفتقر إلى الشمولية أو الصلة المباشرة بسياسات العمل والتعليم، طورت الـ OECD هذه المؤشرات كأداة تقييمية شاملة، مفهومة، وقابلة للتحديث المنتظم.

2. المؤشرات: تسع مجالات تعكس القدرات البشرية الأساسية

تم تطوير تسعة مؤشرات رئيسية لقياس قدرات الذكاء الاصطناعي، تشمل:

1.    اللغة

2.    التفاعل الاجتماعي

3.    حل المشكلات

4.    الإبداع

5.    ما وراء المعرفة والتفكير النقدي

6.    المعرفة والتعلم والذاكرة

7.    الرؤية

8.    المعالجة اليدوية

9.    الذكاء الآلي

وقد صُممت كل من هذه المؤشرات وفق مقياس من خمس درجات، حيث تمثل الدرجة الخامسة أقرب مستويات التكافؤ مع القدرات البشرية الكاملة.

3. المنهجية والتقييم الحالي

اعتمدت المنظمة في تطوير المؤشرات على شبكة واسعة من الخبراء في مجالات الذكاء الاصطناعي وعلم النفس المعرفي، مستخدمةً أدوات تحليل متعددة تشمل المعايير التجريبية، والمراجعات الخبيرة، وتحليل الأداء الفعلي للأنظمة الرائدة حتى نوفمبر 2024.

ويشير التقييم الحالي إلى أن النظم الأكثر تقدمًا – بما في ذلك النماذج اللغوية مثل GPT-4o – تقع عمومًا بين المستويين الثاني والثالث عبر معظم المؤشرات، مع غياب أي نموذج يبلغ المستوى الخامس حتى الآن. وتبرز التحديات المتعلقة بـ(الهلوسة)، والافتقار إلى التفكير النقدي، والتعلم الديناميكي كأبرز العقبات أمام التطور نحو مستويات بشرية كاملة.

4. التطبيقات والسياسات العامة

تشكل هذه المؤشرات أداة استراتيجية لصانعي السياسات، لا سيما في:

  • تحليل تأثيرات الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، من خلال ربط القدرات الآلية بمتطلبات الوظائف البشرية.
  • إعادة تصميم المناهج الدراسية وفق ما لم يعد ضروريًا تدريسه للبشر بسبب إمكانية قيام الذكاء الاصطناعي به.
  • تقييم المخاطر الأخلاقية والتنظيمية الناتجة عن تقدم بعض القدرات، لاسيما في الصحة، والتعليم، والتفاعل الاجتماعي.

5. مستقبل المؤشرات وخطة التحديث

تعتزم الـ OECD تنفيذ خطة شاملة لتحديث المؤشرات بشكل دوري، تشمل:

  • إطلاق منصة إلكترونية لتجميع وتقييم نتائج الاختبارات والمعايير الجديدة.
  • تطوير اختبارات معيارية خاصة لقياس المستويات غير الممثلة حاليًا في النماذج.
  • إجراء مسوحات خبراء دورية لرصد التقدم المتوقع في القدرات.
  • إقامة منافسات ومعايير جديدة لتشجيع التقييم المنهجي للذكاء الاصطناعي.

خاتمة

تعد مؤشرات قدرات الذكاء الاصطناعي التي طورتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مساهمة فكرية رائدة نحو تعزيز الحوكمة التقنية، وتحقيق التوازن بين الابتكار والمصلحة العامة. إنها أداة تسمح بتقييم موضوعي ومقارن للتطورات التقنية، وتوجيه القرارات الاستراتيجية والتعليمية والتنظيمية بشكل قائم على أدلة.