تمييز دبي تقضي بأن الإحالة لعقد الفيديك لتسوية منازعات عقد مقاولة يعتبر اتفاق تحكيم صحيحاً
بتاريخ 17 أغسطس 2023م، أصدرت محكمة تمييز دبي حكمها في الطعن رقم 518 لسنة 2023م، وقد أثارت الدعوى إشكاليات قانونية تتعلق بطبيعة الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، وأيضاً الشروط الواجب توافرها في الإحالة لوثيقة تتضمن شرط التحكيم ومدي الاكتفاء بهذه لإحالة لإثبات وجود اتفاق تحكيم ملزم بين الطرفين.
لذلك نتناول في هذا المقال توضيح الاجابة على هذه الإشكاليات، والأسس القانونية التي تبنتها المحكمة، ومدي توافقها مع المعايير الدولية في هذا الشأن.
أولا: الوقائع والدفوع القانونية
· بتاريخ 2 أبريل 2019 تم توقيع عقد مقاولة بين المقاول ورب العمل لتنفيذ مشروع جويلز.
· وبتاريخ 19 أكتوبر 2020 قام رب العمل بفسخ عقد المقاولة من جانب واحد، وطلبت من المقاول مغادرة الموقع، دون مبرر تعاقدي واضح، وكان ذلك بناءً على توصية من المهندس الاستشاري.
· وأقام المقاول دعواه أمام المحكمة الابتدائية بطلب إلزام رب العمل والمهندس الاستشاري بالتكافل والتضامن بأداء مستحقاتها وتعويضها عن الأضرار بسبب فسخ التعاقد.
· دفع رب العمل بعدم قبول الدعوى لوجود شرط تحكيم ضمن العلاقة التعاقدية بين الطرفين، إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الدفع وحكمت في موضوع الدعوي، مما دفعه للاستئناف. وبتاريخ 8 مارس 2023 أيّدت محكمة الاستئناف الحكم.
· وبتاريخ 16 مارس 2023 أقام رب العمل الطعن رقم 518 لسنة 2023 أمام محكمة التمييز استناداً إلى إخلال المحكمة بحق الدفاع نتيجة عدم الرد على الدفع بعدم القبول لوجود شرط التحكيم.
وبالتالي أقام رب العمل طعنه استناداً على أن الحكم لم يتناول الرد على الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم. وتمسك بأن الحكم أخل بحق الدفاع.
المبادئ القانونية المستخلصة
فقد قررت محكمة التمييز بعد مطالعة الجزء الأول من الشروط العامة للعقد، يتضح أن الأطراف قد اتفقا كتابة وصراحة على أنه في حالة نشوب أي نزاع بين المقاول وصاحب العمل بشأن عقد المقاولة، يتم تسوية النزاع طبقًا للشروط العامة للعقود النموذجية للمقاولات الصادرة عن الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين (FIDIC) وفقاً لقواعد التحكيم والتوفيق الخاصة بمركز دبي للتحكيم الدولي، وبالتالي فإن اتفاق الطرفين على التحكيم بشأن تسوية كافة المنازعات الناشئة عن الالتزامات الواردة في العقد؛ يكون ملزماً بغير حاجة إلى النص في عقد المقاولة على تفاصيل هذا الشرط اكتفاءً بالإحالة الواضحة إليه.
كما قررت، بأن الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم دفعاً جوهرياً يستوجب الرد، وإلا اعتبر الحكم مخلاً بحق الدفاع.
ثانياً: التوافق القانوني
جاء هذا الحكم متوافقاً مع غاية المشرع الاماراتي في القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2018م بشأن التحكيم في المادة (5/3) على أنه: " ...إذا أُحيل في عقد ثابت بالكتابة إلى أحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية أو أية وثيقة أخرى تتضمن شرط تحكيم وكانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءاً من العقد..."
وبالتالي اشترط المشرع أن تكون الإحالة إلى أحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية أو أية وثيقة أخرى واضحة وتتجه نية الأطراف الواضحة لإدماج شرط التحكيم ضمن العقد.
ثالثاً: أثر الحكم على واجبات المحامين
يُلقي هذا الحكم عبئًا على المحامين والمستشارين القانونيين في العقود التي يُحتمل أن يُثار نزاع بشأن قبول شرط التحكيم، فأصبح لازماً التأكد من أن الإحالة إلى وثائق خارجية (كعقود الفيديك أو نماذج الشروط العامة) تتضمن نصًا صريحًا وواضحًا يُظهر نية الطرفين في قبول شرط التحكيم واعتباره جزءًا من العقد، وبات من الضروري أن يُمارس المحامي واجب العناية القانونية الدقيقة (Legal Due Diligence) في صياغة بنود التحكيم.
ويتضح مما سبق؛ أن هذا المبدأ يؤكد على أهمية وضوح التعبير عن الإرادة في اختيار وسائل تسوية النزاع، بحيث تكون الإحالة إلى الوثائق النموذجية – كعقود الفيديك – صريحة ومحددة لا تقبل التأويل. وهو ما يُسهٍم في تعزيز اليقين القانوني في بيئة العقود التجارية، ويعزز من موثوقية الإشارات المرجعية للعقود النموذجية ويسهم في تقليل النزاعات.
شهادة المحكم الهندسي
احترف اشكال الاتفاق على التحكيم في عقود التشييد والبناء من خلال شهادة المحكم الهندسي، للتفاصيل اضغط هنا