2025/07/07

أصدر مركز JURIS  بجامعة ميدلسكس دبي بالتعاون مع Hogan Lovells  تقرير MENA Arbitration Survey 2024  كأول دراسة شاملة لرصد ممارسات التحكيم التجاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مقدماً بيانات دقيقة حول الاتجاهات والتحديات في السوق، مع تركيز خاص على قطاعي الإنشاءات والطاقة، لما لهما من دور محوري في التنمية الاقتصادية في المنطقة.

توقيت حرج وإصلاحات متسارعة

يأتي هذا التقرير في توقيت تشهد فيه المنطقة نمواً سريعاً وإصلاحات تشريعية جوهرية لتحديث قوانين التحكيم وتعزيز دور المراكز الإقليمية، مثل مركز DIFC  في دبي ومركز CRCICA بالقاهرة، بما يعكس السعي لبناء بيئة تحكيمية جاذبة ذات معايير دولية.

اتجاهات الأطراف نحو مقار التحكيم

كشف التقرير أن:

  •  61% من المشاركين يفضلون التحكيم المؤسسي داخل المنطقة.
  • 78% يفضلون التحكيم المؤسسي خارج المنطقة، مع اختيار لندن وباريس وسنغافورة كأفضل المقرات، بسبب الحياد وجودة القضاء ودعمهم المستقر للتحكيم.
  • داخل المنطقة، يتصدر DIFC  قائمة المقرات المفضلة، يليه أبوظبي، الدوحة، والرياض.

العوامل المؤثرة في اختيار مقرات التحكيم

أبرز المشاركون أهمية:

  • سهولة تنفيذ الأحكام التحكيمية.
  • حياد القضاء واستقلاله.
  • دعم المحاكم المحلية لإجراءات التحكيم.

وهي عناصر حاسمة تجذب الأطراف لاختيار مقرات التحكيم، وتعزز الثقة في البيئة القضائية للدولة المضيفة.

التوجه نحو تسوية النزاعات بطرق غير تقليدية

  • رغم التوجه العام نحو التحكيم، برز اهتمام الأطراف بطرق بديلة أكثر مرونة، حيث فضّل:
  • 42%  التفاوض المباشر بين الأطراف.
  •  37%  الاعتماد على تحديد الخبراء.
  • 27%  اللجوء إلى الوساطة غير المؤسسية.

وهو ما يعكس تزايد الوعي بفاعلية الوسائل البديلة في تقليل التكاليف وتسريع التسويات في النزاعات المعقدة.

التحديات في المشهد التحكيمي

أظهر التقرير استمرار عدة تحديات، أبرزها:

  • عدم الاستقرار المؤسسي في بعض المراكز مثل تغيرات إدارة مركز DIFC
  • ارتفاع التكاليف وطول المدة الزمنية لإصدار الأحكام.
  • مخاوف من التحيز أو نقص الخبرة لدى بعض المحكمين بالمؤسسات الجديدة.
  • استمرار التحديات في تنفيذ الأحكام التحكيمية، رغم الإصلاحات.

الاستدامة والتكنولوجيا في التحكيم

أكد التقرير اهتمام 54%  من المشاركين بعناصر الاستدامة مثل استخدام الملفات الإلكترونية وتقليل السفر، كما أكد 70%  منهم أن التكنولوجيا أسهمت في تحسين فعالية وكفاءة إجراءات التحكيم.

قطاعا الإنشاءات والطاقة: نمو متسارع مع نزاعات متوقعة

في قطاع الإنشاءات:

  • يتوقع 87% من المشاركين زيادة العمل في المنطقة، بدعم الاستثمارات الحكومية والخاصة في مشاريع البنية التحتية.
  • يتوقع 82% حدوث نزاعات خلال السنوات الثلاث القادمة، بسبب التأخيرات، تغير نطاق الأعمال، والتكاليف الإضافية.

في قطاع الطاقة:

  • يتوقع 58% نمواً في مشاريع الطاقة التقليدية والمتجددة.
  • النزاعات متوقعة بسبب تقلبات الأسعار وعدم الاستقرار الاقتصادي، وخاصة في قضايا التوريد وطوال دورة حياة المشروع.

السعودية: مركز نمو مستقبلي

حددت الدراسة المملكة العربية السعودية كوجهة رئيسية للنمو المستقبلي في التحكيم، خصوصاً في قطاعات الإنشاءات والطاقة، مدفوعة بمشاريع عملاقة ورؤية المملكة الاستثمارية طويلة المدى.

الذكاء الاصطناعي والتحكيم

أشار التقرير إلى نظرة متحفظة تجاه الذكاء الاصطناعي، حيث اعتبر33%  فقط أن له أهمية متوسطة لنمو مؤسساتهم خلال السنوات الخمس القادمة، مما يعكس فرصة للمؤسسات القانونية للاستثمار في الأتمتة والتحليلات الذكية لتعزيز الكفاءة التنافسية.

خاتمة

يكشف تقرير MENA Arbitration Survey 2024 عن بيئة تحكيمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشهد نضجاً تدريجياً ونمواً ملحوظاً، مدعوماً بالإصلاحات التشريعية واهتمام الأطراف باستخدام الوسائل البديلة للتسوية. ومع ذلك، لا تزال تحديات التنفيذ، التكلفة، والاستدامة بحاجة إلى معالجة فعالة، بينما تمثل السعودية محوراً رئيسياً للنمو المستقبلي في النزاعات التحكيمية. كما يعد التحول الرقمي والاستثمار في الذكاء الاصطناعي فرصة استراتيجية لمراكز التحكيم في المنطقة لتعزيز مكانتها كمراكز إقليمية وعالمية موثوقة لتسوية النزاعات.