محكمة النقض البيان الخاص بصدور الحكم باسم الشعب لا يتعلق بالنظام العام في مصر ٢٠٢٣
2023/08/08

أولاً: الوقائع

عقدت الشركتين (س) و (ص) اتفاقاً يتعلق ببدأ العمل في مشروع إسكان مملوك للأخيرة، وكان ذلك بموجب ثلاثة عقود، كان الأول بتاريخ 29/1/2008 بطاقة قدرها 352 غرفة فندقية وبقيمة إجمالية قدرها ثمانية وأربعين مليون ومائة وخمسة وثمانين ألفاً وسبعمائة وواحد جنيهاً مصرياً. وكان الثاني بتاريخ 12/11/2007 والخاص بمباني سكن العاملين بقيمة إجمالية قدرها أربعة عشر مليوناً وثمانمائة وتسعين ألف ومائتان وخمسة وخمسون جنيهاً، والعقد الثالث بتاريخ 1/6/2009 للأعمال الإضافية المستجدة للمرحلة الثانية بقيمة إجمالية قدرها إثنان وثلاثون مليون وسبعمائة وخمسة وسبعين ألف وخمسة عشر جنيهاً، وقد ورد شرط التحكيم كوسيلة لحل المنازعات التي تنشأ بين الطرفين بشأن هذه العقود الثلاثة، وذلك في البند الثالث عشر منها.

وبناءً عليه، تقدمت الشركة (ص) بطلب تحكيم بتاريخ 6/3/2014 للمركز العربي للتحكيم بالمعادي وقامت بتسمية محكمها وطالبة الشركة (س) بتسمية الأخر، وإذ نكصت الشركة المدعية عن تلك التسمية، فقد تولى التسمية المركز العربي للتحكيم، واختار المحكمان المحكم المرجح والذي تولى رئاسة هيئة التحكيم، وبعد نظر التحكيم، أصدرت هيئة التحكيم حكمها بإجماع الأراء بتاريخ 9/4/2015 قاضيةً بما يلي:

(أ) اعتبار تاريخ 6/10/2013 هو تاريخ التسليم الابتدائي لأعمال المشروع محل النزاع وبأنه التاريخ الذي تبدأ منه فترة الضمان المنصوص عليها في التعاقد بين طرفي النزاع.

(ب) إلزام شركة (س) أن تؤدي إلى شركة (ص) مبلغاً وقدره ثمانية ملايين وتسعمائة وثلاثون ألفاً وخمسمائة وأربعة وعشرون جنيهاً وخمسة عشر قرشاً قيمة المستخلص الختامي للمرحلة الثانية شاملة 5% قيمة التأمين الابتدائي، مع عائد قدره 5% من المبلغ المقضي به اعتباراً من 2/9/2013 وحتى تمام السداد.

(ج) إلزام شركة (س)، بأن تؤدي إلى شركة (ص) مبلغ مليون ومائة وواحد وتسعون ألف ومائتان وعشرون جنيهاً وأربعة قروش تعويضاً عما فات شركة (ص) من كسب نتيجة عدم تنفيذ عقد سكن العاملين بالكامل.

(د) إلزام الشركة (س) بأن تؤدي للشركة (ص) مبلغاً وقدره تسعة ملايين وسبعمائة وخمسة وسبعون ألف جنيه قيمة أعمال قامت شركة (ص) بتنفيذها ولم تكن مكلفة بها.

(ه) رفض ماعدا ذلك من طلبات شركة (ص)

(و) إلزام شركة (س) بنسبة 60% من مصاريف وأتعاب المحكمين، على أن تتحمل شركة (ص) 40% من المصاريف والأتعاب المذكورة.

فطعنت شركة (س) في حكم التحكيم أمام محكمة استئناف القاهرة بتاريخ 21/7/2015، مطالبة بوقف تنفيذ حكم التحكيم وببطلانه وإلغاء كل ما قضى به مع إلزام شركة (ص) بالمصروفات وأتعاب المحاماة.

ثانياً: أوجه الطعن والمناعي

(أ) مخالفة القانون لصدور حكم التحكيم باسم الشعب بما ينطوي على غصب للسلطة التي خولها القانون للمحاكم.

(ب)عدم وجود اتفاق تحكيم يتناول النزاع وأن ما جرى هو إسناد هذه الأوامر إلى المهندس الاستشاري بموجب ما يسمى بـ "أوامر التغيير" وهو ما يجعل طلب شركة (ص) مفتقراً لشرط التحكيم المنصوص عليه في العقد وأن حكم التحكيم يكون قد فصل في مسائل لم يشملها اتفاق التحكيم.

(ج) عدم سلامة إجراءات التحكيم وشخوص المحكمين، لأن ما قضت به الهيئة يقتضي أهل الخبرة.

ثالثاً: الطلبات

طالبت شركة (س) بما يلي:

  • (أ) قبول الدعوى شكلاً
  • (ب) الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ حكم التحكيم موضوع الدعوى.
  • (ج) الحكم ببطلان حكم التحكيم وإلغاء ما قضى وما يترتب على ذلك من آثار.
  • (د) الحكم ببطلان حكم التحكيم فيما قضى به في الطلب الخامس لتجاوز شرط التحكيم.
  • (ه) الحكم ببطلان حكم التحكيم فيما قضى به في الطلب لمخالفته للنظام العام وللقواعد الآمرة المعمول بها بجمهورية مصر العربية. مع إلزام شركة (ص) بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.

كما طالبت شركة (ص) بما يلي:

  • (أ) أولاً وأصلياً، سقوط الحق في إقامة الدعوى وعدم قبول الدعوى لرفعها بعد المواعيد المقررة قانوناً طبقاً لنص المادة (54) من القانون 27 لسنة 1994.
  • (ب) ثانياً واحتياطياً، رفض الدعوى.

فأصدرت محكمة استئناف القاهرة حكمها في الاستئناف رقم 61 لسنة 132 ق،  بجلسة 23/3/2016 بما يلي:

أولاً: قبول الدعوى شكلاً.

ثانياً: بطلان حكم التحكيم وذلك لمخالفته القانون والدستور لصدوره باسم الشعب. وألزمت شركة (س) بالمصروفات ومائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

فقامت شركة (ص) بالطعن في حكم محكمة الاستئناف أمام محكمة النقض بتاريخ 28/4/2016، وتم إعلان شركة (س) بصحيفة الطعن بتاريخ 15/5/2016.

وقد قضت محكمة النقض بنقض الحكم بجلسة 12/6/2023، وألزمت شركة (س) بالمصروفات، ومئتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى.

رابعاً: المبادئ التي قررتها محكمة النقض

- أن البيان الخاص بصدور الحكم "باسم الشعب" لا يتعلق بالنظام العام في مصر، وأن خلو الحكم مما يفيد صدوره باسم الشعب لا ينال من شرعيته ولا يترتب عليه بطلانه، بناءً عليه، فإن إضافة البيان الخاص بصدور حكم التحكيم "باسم الشعب" –تزيداً- في أحكام التحكيم أو خلوها منه لا يؤدي إلى بطلانها.

ذلك أنه بالرجوع إلى المادة 178 من قانون المرافعات –في شأن بيانات الحكم- والمادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية –في شأن مشتملاته- فقد خلتا من ذكر السلطة التي تصدر الأحكام باسمها، فإن مؤدى ذلك أن الشارع لا يعتبر من بيانات الحكم صدوره باسم الشعب، وأن قضاء الدستور بصدور الحكم بهذه المثابة ليس إلا إفصاحاً عن أصل دستوري أصيل، وأمر مسبق مقضي مفترض بقوة الدستور نفسه، في أن الأحكام تصدر باسم السلطة العليا صاحبة السيادة وحدها ومصدر السلطات جميعاً – الشعب – لكون ذلك الأصل واحداً من المقومات التي ينهض عليها نظام الدولة، ومن ثم فإن إيراد ذلك بورقة الحكم أثناء تحريره، ومن بعد صدوره بالنطق به، ليس إلا عملاً مادياً لاحقاً كاشفاً عن ذلك الأمر المفترض وليس منشئاً له.

لتحميل نص الحكم

لتحميل نص الحكم

إنضم إلينا في شهادة إعداد وتأهيل المحكم المحترف 80 ساعة ⏰، واكتسب المهارات التالية:

  • مهارات صياغة اتفاق التحكيم.
  • مهارات إدارة جلسات التحكيم.
  • مهارات صياغة حكم التحكيم.
  • الإدارة الفاعلة للدفاع لقضايا التحكيم