أثر امتناع أحد المحكمين عن التوقيع على حكم التحكيم
المحامي وليد عثمان

المحامي وليد عثمان

شريك مؤسس شورى للمحاماة والتحكيم رئيس الاكاديمية الدولية للوساطة والتحكيم .
2023/08/27

يكشف الواقع العملي في مجال التحكيم عن وجود بعض الممارسات السلبية من بعض المحكمين، وخاصة في التحكيم الحر؛ حيث يقوم أطراف التحكيم بتعيين المحكم (co arbitrator) والاتفاق معهم بشكل مباشر على الاتعاب وفي إطار تفاوضي، بما يؤثر سلباً على استقلال بعض المحكمين عن أطراف التحكيم الذين عينهم، ويحول دور المحكم إلى محامي ومدافع عن موقف الطرف الذي عينه، بل أن الأمر وصل لامتناع البعض عن التوقيع على حكم التحكيم إذا ما قُضي في غير صالح من عينه.

وهذا الموقف يثير العديد من إشكالية القانونية وما هي الحلول المطروحة، هل نعين محكماً بديلاً عن المحكم الممتنع عن التوقيع، وفقاً لهذا الحل يستلزم فتح باب المرافعة مرة أخرى حتى يستطيع المحكم البديل سماع المرافعات تطبيقاً لمبدأ لا يتداول إلا من سمع، وبهذا الشكل يكون الطرف المقضي ضده قد نال غرضه وعطل الفصل في النزاع.

لذلك واجه القانون هذه الحالة، فوفقاً لقانون التحكيم المصري ٢٧ لسنة ١٩٩٤ يكتفي بتوقيع أغلبية المحكمين، ولكن بشرط اثبات سبب عدم توقيع الأقلية، حيث نصت المادة (٤٣/١) على أنه " يصدر حكم التحكيم كتابة ويوقعه المحكمون، وفي حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من محكم واحد يُكتفى بتوقيعات أغلبية المحكمين بشرط أن تثبت في الحكم أسباب عدم توقيع الأقلية.

كذلك نفس الحكم في قانون التحكيم الإماراتي رقم ٦ لسنة ٢٠١٨ في المادة (٤١/٣)، وقانون التحكيم القطري رقم ٢ لسنة ٢٠١٧ في مادته (٣١/١)، ونظام التحكيم السعودي رقم ٣٤ لسنة ١٤٣٣ هـ في مادته (٤٢/١)، وقانون التحكيم التجاري الليبي رقم ١٠ لسنة ٢٠٢٣ في مادته (٤٤)، وقانون التحكيم العماني رقم ٤٧ لسنة ١٩٩٧ في ماته (٤٣).

ومن المقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أن " امتناع أحد المحكمين في هيئة تحكيم عن التوقيع على الحكم لا يؤدى بذاته إلى بطلانه طالما استوفي حكم التحكيم ثلاثة شروط هي حدوث المداولة بين أعضاء هيئة التحكيم بما فيهم المحكم الممتنع عن التوقيع على الوجه الذي يرونه مناسبًا، وصدور الحكم والتوقيع عليه من أغلبية أعضاء الهيئة، وإثبات حكم التحكيم لأسباب امتناع توقيع المحكم الممتنع عن التوقيع إن لم يثبتها هو بنفسه.

والغرض من اشتراط هذا الشرط الأخير هو تمكين المحكمة التي تنظر دعوى البطلان من بسط رقابتها على أسباب الامتناع عن التوقيع. والمقصود بالمداولة هو الاشتراك في تبادل الرأي حول وقائع الدعوى وما أبدى فيها من طلبات أو دفوع أو أوجه دفاع وما قدم فيها من أدلة وإخضاعها لأحكام القانون واجب التطبيق وصولًا إلى رأى يحسم النزاع بشأن تلك المسائل كلها.

وقد يثبت المحكم الممتنع عن التوقيع أسباب امتناعه بنفسه في صورة رأى مخالف لرأى الأغلبية، سواء في ورقة الحكم ذاتها أو في ورقة مستقلة. أما إذا امتنع المحكم عن التوقيع ولم يثبت بنفسه سبب امتناعه كتابة، تولى رئيس هيئة التحكيم إثبات امتناعه عن التوقيع وأن هذا الامتناع بسبب مخالفته لرأى الأغلبية بغير تفصيل لهذه الأسباب. ونظام الرأي المخالف ولئن لم ينص عليه قانون التحكيم المصري إلا أنه نظام استقر ولا خلاف عليه في التحكيم ويجد أساسه في الوظيفة القضائية للمحكم والتزامه بإصدار حكم مسبب. وكان من المقرر أنه متى ورد في حكم التحكيم بيان تمسك أحد الخصوم بصدوره مخالفًا للحقيقة، فإنه لا سبيل إلى اطراحه إلا إذا اتخذت بشأنه إجراءات الطعن بالتزوير؛ لأن حكم التحكيم يعتبر بمجرد صدوره والتوقيع عليه ورقة رسمية شأنه في ذلك شأن الأحكام التي يصدرها القضاء، ويحوز الحجية بين الخصوم في القضية التحكيمية، ويصدر من المحكمين باعتبارهم مكلفين بتأدية وظيفة القضاء في خصوص النزاع المطروح عليهم استنادًا إلى الاتفاق على التحكيم، على الرغم من أنهم في الأصل من غير القضاة، غير أن هذه الوظيفة تُمنح لهم بناء على التنظيم القانوني للتحكيم الذى أورده المشرع المصري في قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية، وما منحه لهم من سلطات في إصدار حكم التحكيم احترامًا لإرادة الطرفين المحتكمين.

محكمة النقض المصرية، الطعن رقم 8199 لسنة 80 قضائية، 22 من مارس سنة 2022م

شهادة المحكم المحترف

إنضم إلينا في شهادة إعداد وتأهيل المحكم المحترف 80 ساعة ⏰، واكتسب المهارات التالية:

  • مهارات صياغة اتفاق التحكيم.
  • مهارات إدارة جلسات التحكيم.
  • مهارات صياغة حكم التحكيم.
  • الإدارة الفاعلة للدفاع لقضايا التحكيم.